وجوب الصوم

وجوب الصوم
قال الله تبارك وتعالى في بيان وجوب الصوم، بسم الله الرحمن الرحيم(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)
يُستدل من خلال هذه الآية المباركة على وجوب الصيام الذي شرّف الله به هذه الأمة وفضّلها به عمن سواها من الأمم السالفة، وتظهر لنا هذه الشأنية من خلال جعل الله فريضة الصوم لنفسه دون غيرها من العبادات كما ورد في الحديث القدسي: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فهو لي وأنا أجزي به:
ولفظ كُتب دليل على الوجوب لأن مادة الكَتب تُستعمل للدلالة على الفريضة، ثم أشارت الآية إلى كونه تعالى فرض هذه العبادة في أيام معدودات وهي أيام الشهر العظيم شهر رمضان المبارك.
وعندما يعلم العبد بإرادة المولى لشيء يجب عليه أن ينكب على تنفيذ تلك الإرادة دون أي تباطئٍ أو تردد لأن المولى جل وعلا لا يأمر عباده إلا بما فيه المصلحة لهم ولو لم يكن في الصوم منفعة ومصلحة لما أوجبه على عباده فكيف ومنافعه المادية والمعنوية الدنيوية والأخروية ظاهرة للجميع، وأهم أسباب وجوب الصوم هي أن الله تعالى يحب هذه العبادة، وإذا عرف العبد بأن مولاه يحب شيئاً ليس له سوى أن يحب ما يحب مولاه.
وقال الإمام الصادق(ع) إن شهر رمضان لم يفرض الله صيامه على أحد من الأمم قبلنا، فقال الراوي: قلتُ: فقول الله عز وجل” يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم” قال(ع) إنما فرض الله صيام شهر رمضان على الأنبياء دون الأمم ففضّل الله به هذه الأمّة وجعل صيامه فرضاً على رسول الله(ص) وعلى أمته”
واختصاصنا من بين باقي الأمم لأوضح دليل على عظمة هذه الأمة التي قادها الرسول الخاتم إلى السعادة، وببركة هذا النبي الحبيب لله والقريب منه سما شأن أمتنا وارتفع ذكرها وأصبحت الأمة الوسط التي جعلها الله حجة على جميع الخلق كما أشار إليه في قوله المبارك(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)
والجدير بالذكر هو أن هذا الإختصاص وهذا التكريم نعمة من الله علينا وهي مشمولة بقوله المبارك:ثم لتُسألُنّ يومئذ عن النعيم: فهذا التكريم له ثمن عند الخالق سبحانه ويجب على الجميع أن يدفعوا الثمن في الدنيا عبر الطاعة الخالصة لله قبل أن يدفع ثمنها في يوم لا ينفع فيه شيء سوى العمل الصالح، وفيه قال تعالى(يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)
والملاحَظ هنا هو أن الله جل شأنه قد جعل هذه الأمة والأنبياء في عرْض واحد تجاه هذه الفريضة بمعنى أنه عاملنا معاملة أنبيائه الذين شكروا هذه النعمة عبر الإلتزام بأوامر ربهم ونواهيه، فكما تعامل أنبياء الله مع ربهم يجب علينا أن نتعامل معه كذلك لنؤدي شكر هذه النعمة والوظيفة المترتبة عليها لنقطف ثمارها ونربح آثارها التي سوف تظهر جلية وكبيرة وعظيمة في يوم القيامة.
وفي بيان هذا الإختصاص لأمة محمد تجاه فريضة الصوم قال الإمام زين العابدين(ع) في دعائه عند وداعه لشهر رمضان: ثم آثرتنا به على سائر الأمم واصطفيتنا بفضله دون أهل الملل فصمنا بأمرك نهاره وقمنا بعونك ليله:



